السيادة العليا في الدولة

في سياق جدلية (العقل والقانون والدين)، نشأت فكرة السيادة وما رافقها من إشكاليات في اختلاف مصادرها، سواء في الفكر السياسي الغربي، أو الفكر السياسي الإسلامي. فعودة (الدين) وأهميته والمطالبة في به من جديد، جدد الإشكالية مرة أخرى، لأن "المواقف المتعالية عن الأديان، أو المقللة من أهميتها أصبحت جزءاً من الماضي، بعد أن كشفت الأحداث والدراسات الميدانية في معظم بلاد العالم، إن لم يكن في جميعها، عن تغلغل كبير وشديد للمشاعر والتصورات الدينية، ليس فقط على الصعيد الفردي، وإنما أيضاً تداخل ذلك مع مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. ولهذا فإن الموقف العلمي لا يقر بفكرة موت الأديان مثلما يسخر من مقوله (نهاية التاريخ)، وإنما يدفع في اتجاه العمل على تصحيح المفاهيم الدينية، والعمل على الحيلولة دون أن يحصل الصدام بين العقل والنقل، أو يترسخ التعارض بين الإيمان والتقدم الاجتماعي والسياسي . أي بذل الجهد وتحقيق أعلى درجات الاجتهاد الذي يسمونه بالاجتهاد المطلق، في سبيل تحويل الظاهرة الدينية إلى عامل بناء ودفع إلى الأمام، بدل تركها تتطور بعشوائية مخيفة على أيدي من يتوهمون بأن التاريخ يمكن أن يتكرر بنفس الوسائل والمراحل والأقوال والمفاهيم". وفي هذا السياق يمكن تقديم محاولة لفض الاشتباك الحاصل في موضوع مصدرية السيادة بين الفكر السياسي الإسلامي والفكر السياسي الغربي من خلال المباحث هذه الدراسة.