التحويلات النحوية في شعر النقائض

وجدنا في شعر النقائض لجرير والفرزدق مادة خصبة لدراسة بعض مصطلحات النحو التوليدي التحويلي لاسيما البنية العميقة والبنية السطحية وقوانين التحويل التي اعتنى بها تشومسكي في المرحلة الثانية من نظريته اللسانية، لقد كان لانشغال الشاعرين جرير والفرزدق ببنية عميقة واحدة في نقائضهما يتجاذبانها بينها أثر واضح في عناية كل واحد منهما بعدُ بالتحويلات النحوية التي تُخرج هذه البنية العميقة من دلالتهاالضيقة العميقة إلى دلالتها المنجزة على السطح والتي تكتسي لا شك دلالات أكثر تنوعا وقدرة على بيان القصد والإبلاغ، وهذه الدلالات كانت بحسب ما رأينا توكيدية وتخصيصية وإيحائية (مجازية) تضفي إبداعا على لغة الشاعر. لقد ظهرت قوانين التحويل بالزيادة والاستبدال وإعادة الترتيب والحذف بجلاء في أساليب الشاعرين التحويلية وكانت المقارنة بينها تدعو إلى إحداث موازنة نقدية بين الشاعرين، كيف لا وقد كان التحويل ديدنهما في معظم ما وقع بينهما من سجال شعري الذي لا أراه إلا سجالا تحويليا في حقيقة الأمر.