صنع في الإسلام

الإسلام ديانة البشرية الخاتمة هو منظومة أيدلوجية تختلف عن سائر الديانات الأخرى وتتميز بانفرادات غير مسبوقة، الأمر أشبه بالدستور المؤقت والدستور الدائم، ففي حين يهدف المؤقت إلى معالجة مرحلة زمنية محدودة يتولى الدائم المستقبل العام للأفراد والجماعات، وقد يكون مقبولا لو قلنا هبطت الديانات السابقة على إنسان أقرب ما يكون إلى سن المراهقة، فلما استوى راشدا أبان الله عن قانونه الأخير وشرعه الخاتم. إن العصور لم تكن يوماً متقدمة على الإسلام إلا بالقدر الذي تفرُّ الأرض فيه من مستقبلها واتزان دورانها، هذا الدين يكفل البحث العلمي الراشد فلا يطوِّع يد الإنسان للسلاح القاتل، ولا عقله لتدمير المدن، ولا قلبه لازدراء الآخرين. يجد القارئ في هذا الكتاب محمدا عليه السلام يغيِّر وجه الأرض دون أن يودي بطبيعتها الخلَّاقة، ودون أن يثقب طبقة الأوزون الحارسة لكوكبنا الراشد، يجد فيه رقياً إسلامياً يصنع السعادة من مركبات بسيطة للغاية؛ ذلك أنه يؤمن إيماناً بالغاً بأن السعادة مكنون نفسي لا علاقة له بالمال بتاتاً، بل بغنى النفس وقدرة صاحبها على إسعاد الآخرين، وتطوير الحياة بما يحقق الاستخلاف الإلهي لهذا الإنسان البائد. يجد فيه قمراً آخر للأرض يضيء العتمات ويكشف الظلمات، ونبراساً هادياً يقي من بعثرة الخطوات، إنه دين الله بحق، منظومته المتكاملة تبرهن أنه دين خارج عن طاقة الأرض ومستورد خصيصاً من السماء.