نظريَّة النَّمُوذج في القَصَص القُرآنيّ

تستخدم نظريات مختلفة في تحليل المعنى، وإحدى هذه النظريات هي نظريَّة النَّمُوذج. وهي نظريّة دلاليّة معرفيّة، فهي تعدُّ نموذجًا لتحديد المعنى الســــــــياقي وفقًا للتركيب الســــياقي والذهنيّ. كما تهتم هذه النظريَّة بالبناء الفكريّ للكلمة (الصورة الذهنيّة وما تحتويه هذه الصورة من خلفيات فكريّة وثقافيّة واجتماعيّة....)، وتعدُّ (Eleanor Rosch) أول من تحدثت عن هذه النــظريَّة في منتصف الســــــــبعينيــات من القرن العشــــرين، التي تهتم ببناء نماذج أولية للكلمات، وتعتمد هذه النظريَّة على التــمثيلات الذّهنيّة المطابقة لمواصفات المفهوم، بمعنى أنَّ كلّ مفهوم يمثله نموذج يتضمن السِمات الأولية لهذا المفهوم، وهذه السِمات بعضها أســــاسيّة وبعضها هامشيّة، وقد ظهرت هذه النظريّة لتجنب أوجه القصور التي كانت تعاني منها النَّظريَّة التعريفيّة للمفاهيم. وهكذا تتناول هذه الدراسة بالتحليل معالجة القضايا اللغوية التي تتعلق بنظريّة النَّمُوذج وتطبيقها على قِصّة يوسف (عليه السلام). وهذه القِصّة ليســـــت مُجَرَّد سرد قصصيّ، بَل إنَّها قَصّة حقيقيّة، بِمَا فيها من الإشــــــــــارة إلى مَعالِم تاريخ البشريّة، وتأمّل مواقف الأمم، والكشف عَمَّا طمسته الأيام والسِنون، ومَحَاه النِســــــــــيان والتقدّم، فضلا عن الأغراض والمُمّيزات والخصائص والأسرار الهادية إلى مَقاصِد إنســـانيّة وخُلقيّة ودينيّة وشرعيّة.