الاستبداد وبدائله في الفكر العربي

يدرس كتابنا واحدة من أهم المسائل التي شغلت فكر روّاد النهضة العربية الحديثة، هي مسألة الاستبداد الذي نلاحظ أنّه لا يني يهيمن على واقعنا العربي، وإن تغيّرت أشكاله وأسماؤه. وضرورة إيجاد بدائله لم تزل ضرورة ملحّة لتحرير إنساننا العربي. فما تزال لدينا أزمة ديمقراطيّة، ولم نزل نعاني التفرّق في دويلات إقليمية. هذا مع غياب البحوث حول الاستبداد -حتى لتكاد تخلو المكتبة العربية من دراسات عنه- كما أنّ من كتبوا عنه بعد روّاد النهضة، الذين أخذوا الموضوع لماماً، باستثناء الكواكبي؛ لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة؛ ذلك كلّه دفعنا إلى البحث فيه. ولكي نتعمّق في فهم مسالة الاستبداد، ولاعتقادنا بأهميّة التخصص، فقد درسناها عند أكثر المفكرين اهتماماً بها، هو الكواكبي، الذي ظلّ يبحث فيها ثلاثين عاماً، وأفرد كتاباً لها، وسمّاه بها. ودراسة الاستبداد عنده ضرورية لأنها: أولاً: إحياء لعمل مفكّر لم ينل قسطه من الاهتمام. ثانياً: دراسة تتبع نقطة واحدة أساسية في فكره. ثالثاً: موضوع يُبحث بالتفصيل والتخصص للمرّة الأولى، بحسب علمنا. رابعاً: تتناول اكتشافاً جديداً لكتابات الكواكبي الصحفية، ولم يتناولها أحد بعد باستثناء مكتشِفها.