مؤسسة الفقيه بالمجال القروي

لماذا إفراد بحث خاص ل"فقهاء الشرط"؟ ما هي المبررات العلمية التي تجعل من فئة حفظة القرآن الغرباء المنتشرين في الدواوير والمداشر القروية موضوعا سوسيولوجيا في هذا المؤلف؟ يأتي اشتغالنا على هذا الموضوع، تتويجا لانشغالنا الأساسي داخل سوسيولوجيا الدين، بفهم منطق التحول الاجتماعي لمجموعة من المؤسسات الثقافية القروية، اخترنا منها مؤسسة "فقيه الشرط" التي استطاعت أن تلعب أدوارا كبرى داخل تاريخ المغرب، إن على المستوى التعليمي أو الاجتماعي أو الديني، كما استطاعت في الآن نفسه أن تملأ الفراغ الذي تركته الدولة في مجمل هذه الميادين الحيوية بالوسط القروي. زاد من إصرارنا على هذه الدراسة، ما لمسناه من غياب بحوث حول الموضوع، خصوصا بإقليم "خريبكة" الذي اخترناه ميدانا للبحث . فإذا كانت مناطق خاصة بالمغرب مثل"جبالة" و"سوس"، قد حظيت بدراسات وتراجم همّت بعض الشخصيات الدينية من علماء وفقهاء ومدرسين قرآنيين، فإن مجال دراستنا افتقر إلى هذه المادة الخام، ممّا يجعل من هذا العمل نفسه، محاولة للاستكشاف والتنقيب، سعينا فيه ضد بعض الكتابات التي ذهبت إلى اختزال "الفقيه" وتقزيم أدواره، إلى التعامل معه ليس بوصفه شخصا وإنما من حيث هو مؤسسة كاملة العناصر، أي بوصفه إطارا اجتماعيا وثقافيا لمجموعة مركبة من القيم والمعايير والاستعمالات المشتركة من طرف الأفراد.