الطاعة والاستبداد بين التاريخ الفرقي الكلامي والفكر الإسلامي المعاصر

استبدت بعقل الحاكم والمحكوم أفكار مُجتَمَعيّة مبتدعة تسعى إلى تكرس مبادئ كثيرة تخالف بسبق الإصرار والتعمّد ما جاء به الإسلام من تقرير لمبادئ سامية كالحرية والعدالة، ولا نبالغ في القول إذا ما اعتبرنا مبدأ الطاعة الذي يُمثِّلُ أهمّ المبادئ التي أكدّ عليها الشّارع الحكيم وهي لاتنفصل عن ضوابط وشروط تجعلها في قالب شرعي يَتحقّق من خِلالها مقصود الحكم في الإسلام، أَحَدَ أَهَمّ المبادئ الذي ارتطم بويلات الفهم العقيم، حتى أصبح مفهوم الطاعة من المفاهيم التي إذا ما ذَكَرتَها أسَرع الذِهنُ في رَبطها بمفهوم الاستبداد وهذا أمرٌ سائغٌ ومحتملٌ لأنّ الدارس لتاريخ السياسة في الإسلام قديمًا وحديثًا يُدركُ تمَامَ الادراك تلك الصلّة القويّة بين مفهوميّ الطاعة والاستبداد. ولقد طَرَحَت هذه العلاقة، علاقة الطاعة بالاستبداد، إشكاليات عديدة، تتضح أساسًا في طريقة تناول الفرق الكلامية لها قديمًا من ناحية وفهم الفكر الإسلامي المعاصر لها حديثًا من ناحية أخرى، وهذا دليل اعتبارها من القضايا المهمة والخطيرة نظرًا لتأثيرها المباشر على واقع الأمّة.