من أجل قراءة منفتحة للنص الديني

3) يهدف أركون من خلال مشروع قراءته للنص الديني إلى إشاعة إسلام مبني على العقل، أي عقلنة النص الديني، أو إن شئت قل عقلنة النظرة إلى الدين، بوصفها واحدة من أدوات التأسيس للحداثة في المجتمعات العربية الإسلامية. كما يسعىأركون في هذا المشروع ، إلى النظر إلى النص القرآني بما هو في قلب التاريخ، لا خارجه أو فوقه، أي بحسبانه لصيقا بأحداثه و متغيراته، و بمعنى آخر، يسعى أركون إلى أرخنة النص الديني، بما هو صيرورة تاريخية تفاعل في خضمها الإنتاج البشري و الاجتماعي، و تبعا لذلك وجب فك الصلة بين الإسلام بحسبانه وحيا متعاليا، و بين الإسلام التاريخي. وبالجملة، فالقراءة الأركونية تتغيا عقلنة وأرخنة النص الديني بهدف أنسنته. " كيف نقرأ القرآن اليوم ؟ " هي ذي الإشكالية الأساس التي يدور عليها بحثنا، و التي سنحاول الإجابة عنها من خلال تبني الطرح الأركوني لمسألة القراءة تلك بنفَس نقدي، ذلك أنه طرح يتسم بالجِدة و الأصالة و الجرأة الفكرية ، لكونه يقرأ النص الديني قراءة تستحضر نتائج الثورة المعرفية المعاصرة و التي دشنتها العلوم الإنسانية و الاجتماعية، ذلك أن أركون يتخطى القراءتين الأرثوذوكسية و الاستشراقية للنص الديني، و التي لم تعد تشبع الفضول العلمي الجديد الذي ولدته الثورات المعرفية المعاصرة، و ما حملته في جوفها من مناهج جديدة، و ما كشفت عنه تطبيقات تلك المناهج في علوم المجتمع و الإنسان من غنى و خصوبة .