الدراسات التنموية ونقاش الديمقراطية والحكم الراشد

يتمحور توجه هذا الكتاب حول كشف خلفيات طرح أسئلة الأخلاق، الديمقراطية، والحكم الراشد في الدراسات التنموية، ورصد البدائل الممكنة بالنسبة لدول العالم الثالث، وهذا ما يظهر خصوصا في الاهتمام بإشكالية نموذج الحكم الراشد كمقاربة للتنمية في إفريقيا، وبالتالي محاولة تقديم رؤية نقدية تتجاوز أرتوذكسية المنظورات الليبرالية، وتنبه إلى ضرورة عدم الوقوع في فخ الرؤية التبشيرية للمقاربات المطروحة من طرف وكالات التنمية الدولية. على هذا الأساس فإن هذا الكتاب هو امتداد ومحصلة للكثير من الأطروحات النقدية وللمنابر البحثية التي كرست جهودها في البحث عن بدائل إنسانية للتطور تتجاوز هيمنة النظام الرأسمالي العالمي والأنانيات الحضارية. من هذا المنطلق يخلص الكتاب إلى أنّ التنمية ليست نموذج جاهز يتم فرضه، وإنما هي عملية اختراع تخضع لطبيعة المجتمع ومنظومته الحضارية، وبهذا المعنى فهي تعبير عن مشروع مجتمع منتج داخل السوسيولوجيا التاريخية للمجتمعات، ولا يعني هذا الطرح السقوط في فخ الاثنومركزية، فلا يمكن تجاهل وجود سنن وقيم ذات طابع عالمي تعكس الفطرة الإنسانية، وبالتالي فإن مقاربة التنمية ينبغي أن تنطلق من منظور حضاري تاريخي دون أن يكون إلغائيا وممركزا حول الذات.