البناء الإعلامي للمشاكل العمومية في المجتمعات الانتقالية

أبحث في هذا الكتاب في عملية البناء الإعلامي لمشكل عمومي انطلاقا من خبر عاد عن مشكل صحي محدود. الإشكال الأساسي المطروح هو: كيف استطاع التناول الإعلامي للصحافة الجزائرية لموضوع صحي أن ينتج خطابا اجتماعيا دراميا وأن يحوله إلى حدث إعلامي ثم إلى مشكل عمومي؟ أي التعّرف على مساهمة التناول الإعلامي في بناء مشكل عمومي من خلال تتبع الصيرورة البنائية لوباء التهاب الكلى الحاد من داء صحي إلى مشكل صحة ومشكل عمومي. قمت بتحليل الخطاب الإعلامي الذي تم بناءه وتمريره في الصحافة المكتوبة والذي تمت عبره تغطية المشكل الصحي. أدت المعالجة الصحفية التي اتخذت شكل التناول المكثف إلى إنتاج خطاب توقعي بسيناريو كارثي بوقوع أزمة صحية خطيرة. كان للعوامل السياقية سواء المرتبطة بممارسة الإعلام من تناول صحفي، من فترة الصيف وركود النشاط السياسي أو وتلك المرتبطة بنظام الصحة من غياب المتحدث الرسمي وتناقض الخطابات الجزئية المبنيّة حول الموضوع دورا في تزايد الغموض والجدل عن الداء وأسبابه وخاصة عن تبعاته الصحية. كما أثّرت في هذه الصّيرورة مجموعة من العوامل المتصلة بطبيعة الإعلام الجزائري بمختلف أنواعه ومهامه. أشير هنا إلى أنه ليست لي أية رغبة في تصنيف الهدف البحثي ضمن دراسات البحث العملي أو ضمن الرؤية الملتزمة المناضلة رغم أن مثل هذه الدراسات سمحت بشرعنة العديد من القضايا وحلحلتها بتدخل الدولة وتنفيذ سياسات عامة.