ثلاث مقالات فلسفية

يكتشف القارئ في ثنايا هذه المقالات أنّ هناك شيئا مميّزا لن يجد له شبيها في الفلسفات الأخرى، من خلال ما تميّزت به الفلسفة الاسلامية من حكمة مشرقية، فمنذ البداية أدرك فلاسفة الاسلام الكلاسيكيين من بن سينا وصولا إلى بن طفيل أنّ هذه الحكمة لا يمكن لأحد طلبها من الحكمة الغربية والتي كانوا يرون فيها غربة وتغريبا للروح الاسلامية الحقّـة، وبالتالي جعلوها حكمتهم هم. من جهة أخرى هذه الحكمة ليست في متناول كل الناس بل هي لفئة مميزة من الناس وهم أولئك الذين أرادوا إحياء نبوة محمد صلى الله عليه وسلم في أنفسهم، أرادوا أن يعيشوا ما عاشه النبيّ بالضبط أثناء تجربة الوحي من خلال سبر أغوار معاني القرآن الكريم، أرادوا باختصار إحياء النبوة من جديد وكلٌّ على طريقته، لأن الهدي المحمدي ليس هو حكمة الفلاسفة، إن الحكمة المشرقية هي فلسفة نبويـّة بامتياز لا يمكن اختزالها في مجرد نفحات صوفية عابرة، ولقد أشار بن طفيل الى أن هذه الحكمة لم تكن في متناول كل الفلاسفة الذين علقت نفوسهم بدرن الماديات وقصُرت أذهانهم على ما هو قاصي وآني، إنّ هذه الحكمة كانت في متناول أولئك الفلاسفة الذين ألبسوا نفوسهم وكسوها برداء النبوة المتعاقب منذ آدم عليه السلام وصعودا إلى النّبوّة الخاتمة ألا وهي نبوة محمد عليه الصلاة والسلام.