الغرفة البرلمانية الثانية في الأنظمة السياسية المعاصرة

إن نظام الثنائية البرلمانية – حسب ما خلصنا إليه في هذا الكتاب – هو نظام تاريخي كان وليد تطورات عميقة عرفتها فرنسا وبريطانيا، وفرضه الطابع الفيدرالي للولايات المتحدة الأمريكية، وبررته عوامل تاريخية وسياسية واقتصادية، واجتماعية في المغرب لذلك فإن مقارنة الغرف الثانية في هذه النماذج الأربعة هو من الأهمية بمكان، فبالرغم من كثرة الدراسات ووفرتها في الموضوع، فإنها لم تجمع بين هذه النماذج لدراستها ومقارنتها حيث غالبا ما تتم مقارنة النظام الفرنسي بأنظمة الدول التي كانت مستعمرة من طرف فرنسا، وتتم مقارنة النظام الأمريكي بالأنظمة التي حاولت أن تنهج النظام الرئاسي، ولكن قلما تم الجمع في الدراسة بين نماذج عن النظام البرلماني والنظام الرئاسي والنظام شبه الرئاسي ونموذج يأخذ عن هذه النماذج كلها – كالمغرب مثلا- ومقارنتها جميعا، فأغلب الدراسات الدستورية المتعلقة بالغرف الثانية، خصصت لكل نموذج حيزا معينا من الدراسة دون أن تقارن بينها، والمعلوم أن البحث في أي نظام سياسي أو تجربة دستورية لا يمكن بأي حال أن يكون موضوعيا ما لم تتم فيه المقابلة مع أنظمة وتجارب أخرى. ومقارنة الغرفة الثانية بالمغرب بأكبر النماذج العالمية لمختلف الأنظمة السياسية تمكننا من تصنيف النظام السياسي المغربي، ومعرفة مدى تأثر التجربة الدستورية المغربية بهذه النماذج في تنظيم مؤسسة الثنائية البرلمانية.