معايير اختيار المبعوثين الدبلوماسيين في العصر البيزنطي الباكر

إن المعضلة الأساسية التي تواجه أية مقاربة لقضية معايير اختيار المبعوثين الدبلوماسيين خلال العصر البيزنطي الباكر تكمن في طبيعة المادة المصدرية التي لا تقدم في الغالب سوى إشارات عن سفارات أُرسلت إلي هذه الوجهة أو تلك دون أن تكشف عن هوية المبعوثين المشاركين فيها، كما أنها تكتفي في أحيان كثيرة بتسجيل اسم المبعوث أو وظيفته دون أصله العرقي والجغرافي، فضلا عن مرتبته الوظيفية والتشريفية ووجهة سفارته، الأمر الذي يقلل غالبا من قيمة هذه الإشارات في الاستدلال. ولا شك في أن هذه الطبيعة تفرض توظيف ما هو متاح من شواهد مع الوضع في الاعتبار مسبقا بأن ما يمكن بلوغه هو فرضيات غير مؤكدة. وهنا تأتي أهمية المادة التي أتاحها الجهد الضخم الذي بذله جامعو "بروسبوجرافيا الإمبراطورية الرومانية المتأخرة" لحشد ما جادت به مصادر الفترة من إشارات عن شخوصها وتنظيمها وفقا للترتيب الأبجدي لأسمائهم والفترة الزمنية التي عاشوا فيها. ولا شك في أن هذه المادة عوضت كثيرا من النقص في المعلومات، خاصة فيما يتعلق بالخلفيات الوظيفية للمبعوثين وسنوات شغلهم لوظائفهم أو حصولهم على ألقاب تشريفية. ومن هذا المنطلق تسعى الدراسة الراهنة إلي مقاربة القضية في ضوء المتاح من مادة بروسوبوجرافية ومصدرية، وذلك عبر إحصاء إشارات مصادر العصر البيزنطي الباكر عن المبعوثين ووظائفهم وألقابهم التشريفية ومؤهلاتهم ووجهاتهم، في محاولة لتقييم الوزن النسب