سؤال حرية المعتقد والتسامح الديني في المسيحية والإسلام

إن القيم الدينية والإنسانية، هي منظومة من القيم المتكاملة، وليس أدل على ذلك، من قيمة الحرية، التي تعتبر أعذب كلمة ترفرف في سماء البشرية جمعاء، فهي شجرة وارفة تمدنا بمعاني العزة والكرامة الإنسانية، وهي تلازم الحق في الحياة، وترتبط بقيم المساواة والعدل والعلم والسلام، وتسهم في تنمية العقل وتسمو بالوجدان؛ أما الحرية المرتبطة بالمفاهيم الدينية، فهي الترجمة العملية للدين، وظل مفهومها عائما، اتسم بزئبقية الحدود المؤطرة له؛ مما أدى إلى تكريس اللاحرية في الممارسات التاريخية، والمعاصرة على حد سواء. ومما لا شك فيه أن الوعي الفردي والجمعي لمفهوم الحرية الدينية كان ولا يزال مضطربا؛ فكثيرا ما تتسع مساحة حرية الأنا على حساب حرية الآخر في واقعنا المعاصر؛ مما قد يؤدي للتصادم والتنافر والتباغض، فنجدنا في أمس الحاجة إلى تفعيل قيمة التسامح، والذي يعد قيمة مشتركة بين جميع الأديان، جاءت النصوص الدينية والتعاليم الشفاهية لترسيخها عبر آليات مختلفة، بهدف الحفاظ على أمن المجتمع الإنساني، بالقضاء على التعصب والعنف، وصولا للتعايش السلمي والإيجابي بين الأفراد والمجتمعات والحضارات. وقد عرفت هذه القيمة تجاذبات دينية واجتماعية وسياسية عبر المراحل التاريخية المختلفة؛ عكست لنا صورة الأنا النفعية في مرآة الواقع التاريخي والتي قامت بتضييق قيمة التسامح وتوسيعها حسب الرغبات والأهداف.