لغة الخطاب الإشهاري - دراسة في الحجاج ووسائل الإقناع

رغم اعتناء الباحثين الغربيين بدراسة الخطاب الإشهاري، واعتماده تخصّصا علميا جديدا يدرّس في الجامعات والمعاهد والأكاديميات المتخصّصة، فإن الدرس اللساني العربي لم يوله عـناية توازي عنايته بسائر الخـطابات الأدبية والسياسية والثقافية والدينية، لأنّ كثيرا من الباحـثين ينظرون إليه نظرة تبسـيطية، تحصره في بعـديه الترفيهي والتسويقي، ولا تلقي بالا إلى كفاءته التواصلية، وخطورته الثقافية، فهو خطاب لصيق بالإنسان، يرافقه في العمل وفي الشارع وفي المقهى وفي البيت، وحتى في غرفة النوم، ويتسلّل إليه في أي وقت ودونما استئذان، ويمارس عليه تأثيرا يشبه تأثير السحر، لأنه كثيرا ما يخاطب لا وعيه، ويستفز فيه غرائزه وحاجاته ويجعله ينقاد طواعية لكل ما يمليه القائمون على هذه الصناعة المعقّدة ، وتزيد أهميته – بشكل لافت– في مجتمع تلاشت حدوده، وانفتح مرغما على مجتمعات أخرى وثقافات متباينة، تتسرّب إليه عبر التجارة والهجرة والاستعمار والمدّ الإعلامي المهول، الذي عزّزته شبكة الإنترنيت العملاقة، التي عصفت بمفاهيم العزلة والانغلاق والخصوصية والاكتفاء بالمنتوج المحلي، وغيرها من المظاهر التي تؤكّد خطورة الخطاب الإشهاري، وتدعو جمهور الباحثين إلى ضرورة الالتفاف حوله، ودراسته وتشريحه وفهم آليات بنائه وأسرار تلقّيه، والبحث في كفاءته الحجاجية وطاقته الإقناعية، حتى نأمن شرّ الوافد منه