ســـلطة الآخر

هذه مجموعة من المقالات، وموضوعاتها وان كانت مختلفة فإن بينها رابطا قويا، وان بدا خفيّا، إلا أنه يجعلك تقترب من أزمة القيم التي ظلت تحكم علاقة الغرب بالشرق. وقد أريد لها أن تكون علاقة السيد بالعبد. وإذا كان يبدو للملاحظ من الوهلة الأولى أن حالة الاستعمار الغربي للشرق انتهت في النصف الثاني من القرن العشرين، فإن المتأمل في واقع العلاقات الدولية للقرن الواحد والعشرين اليوم والمحلل للخطابات الغربية في كل مجالات الثقافة سيدرك أن الاستعمار الغربي أعاد الانتشار ليس إلا. لقد استبدل طرائق الهيمنة واحتل العقول بدل الحقول، ليعود بالغنائم كاملة ودون خسائر ولا هزائم. بعض هذه المقالات تدرس بنية الفكر الاستشراقي التي لا تزال تحكم مواقف الغرب المتشنجة من الثقافة الشرقية التي بدت له عدائيّة ولا تقبل المصالحة ولا المساومة، كلما تعلق الأمر بالإسلام باعتباره إيديولوجيا للرفض، وردّا عنيفا على هجوميّة الماديّة الغربيّة. ولتعضيد هذا الفكر وتفكيك أدواته الإجرائية ذهبت إلى تحليل الرحلة باعتبارها عملية مثاقفة بين حضارتين غير متكافئتين. فالرحّالة كانوا هم عيون الحكومات الغربية، أنيطت بهم مهمّة تقديم الشرق للغرب منزوع المهابة، مجردا من أسباب قوته ومن عدائيّته. لذلك قدم هؤلاء الرحالة شرقا عجائبياً مغموراً بسرديات ألف ليلة وليلة وما شاكل ذلك من الفولكلور الذي يكشف الجانب الأسطوري والبدائي للعقل العربي المتخلّف.