الدلجي في الفلاكة والمفلوكون

فقد اتجهت اتجاهاً نحو بيان اصالة فكر الدلجي، وطرافة موضوعات الفلاكة، والاشادة به كمبتكر لكثير من الآراء التي ادلى بها في ميادين شتى مثل السياسة والاجتماع والتاريخ والاقتصاد محاولاً عدم الانزلاق في خطأ فهم افكار الدلجي بالمقارنة بينها وبين ما توصل اليه الفكر حديثاً، ولا سيما وان الفكر الاجتماعي يرتبط دائماً بالعصر الذي يظهر فيه. من هنا رسمت الهدف الذي اتوخاه ، وهو تقديم آراء الدلجي كما هي وكما استخرجها هو انطلاقاً من نظرة عامة، وعلى اعتبار ان ما جاء في الفلاكة هو امتداد وتطور لمنازع الفكر العربي الاجتماعي والسياسي والتاريخي، ودراسة فكر الدلجي في اطار تجربته وظروف عصره، وفي ضوء مشارب ثقافته، على ان ذلك لا يدفعنا الى اعتبار ان فكر الدلجي قد انقطعت صلته باهتماماتنا الراهنة، لان فكر الدلجي هو فكر فلسفي اصيل، مما يعطيه صفة تمكنه من تجاوز عصره، وان ما جاء في الفلاكة هو تراث انساني قيم ما زال - على الرغم مما قلناه - يحتاج الى دراسة وتحليل، ولا سيما ان هذا التراث يفتـح لنا ابواب معرفة خفايا مدة خطرة من مدد التاريخ العربي والاسلامي، بل ويضعنا امام حقيقة واقعنا المعاصر. لقد شـعر الدلجي بحقيقة خطورة المـدة التي عاش فيها، وتنبه الى خطورة احداثها التي عرفها العالم العربي في عصره، وعدها منعطفـاً تاريخيـاً خطيـراً، تمثل في افول شمس الحضارة العربية والاسلامية.