جدلية العلاقة بين الإسلام السياسي والدولة في تركيا

تعالج هذه الدراسة إشكالية الدين والدولة في تركيا عبر تناولها لجدلية العلاقة بين الاسلام السياسي والنظام العلماني عبر مختلف المراحل التي مرت بها البلاد، مع التركيز في هذا الجانب على دراسة حالة نموذج حزب العدالة والتنمية وتقييم تجربته في الحكم وكيفية تعاطيه مع أركان النظام السياسي التركي القائم على ثنائية العلمانية الكمالية التي أحدثتها الثورة الأتاتوركية في بداية العشرينات من القرن المنصرم. أين تبنى في برنامجه الحزبي وأهدافه الاستراتيجية تصورات جديدة ضمن معالم مقاربة شاملة استهدفت احداث قطيعة داخل البنية الهيكلية للدولة التركية سواء على مستوى الصعيد الداخلي أو الخارجي، مما سهل عليه هذا العامل مهمة فرض نفسه داخل الساحة السياسية التركية واطالة أمد حكمه، حيث عمل على بلورة مشروع حضاري سياسي يستجيب لمكانة تركيا وموقعها الحيوي، ليتمكن في الأخير من التأسيس لمرحلة جديدة من علاقة الإسلام السياسي بالدولة وتثبيت دعائم الحكم المدني، مما حدا بالبعض الى اطلاق توصيف "الجمهورية الثالثة" على الفترة التي تلت صعوده السياسي، أين خاض في هذا السياق مسارا طويلا محفوفا بالتحديات والمصاعب، وقاد حملة من التغييرات الجوهرية والإصلاحات العميقة التي مست مختلف مظاهر الحياة في البلاد، مستندا في ذلك الى رؤية جيوستراتيجية متعددة الأبعاد أهلته في نهاية المطاف الى التأسيس لعهد جديد من عمر التجربة الديمقراطية التركية.